نبدأ معكم بالعنصر الأول من تنظيم الإضبارة الخاصة بالمريض , وهو البند الخاص بالمعلومات الشخصية .
قد تبدو القصة هنا سهلة , وهي بالفعل كذلك , لكن مانود لفت إنتباه القارئ له , هي التفاصيل التي يجب الإنتباه لها أثناء جمع المعلومات الشخصية , والتي ربما تتعلق بدرجة كبيرة بالمرض الذي ستصل لتشخيصه .
إحفظ ↓
يتألف بند المعلومات الشخصية من 12 عنصر فرعي , وكل عنصر له أهميته ودلالته القيمة ( ستعرف هذا لاحقا ) , تذكر , لاشيء عشوائي هنا , وهذا الذي تراه في المراجع الكبرى والتي تسير عليه منظومات صحية عريقة , هو حصيل لتراكم طويل للعلوم الطبية .
1 - الإسم و الكنية , وبعض الدول تلزم بإضافة إسم الأم والأب للتمييز وتجنب تشابه الأسماء .
2 - العمر : لماذا ؟ الأمراض في غالبها ترتبط بالفئات العمرية , وبالمقابل لاتظهر بعض الأمراض في فئات عمرية أخرى ربما إلا نادرا , ولتجنب اللبس الذي قد يحدث نتيجة الأخطاء الإملائية , فإننا نضع هنا تاريخ الميلاد بحسب نموذج البلد الذي نعمل فيه .
3- الجنس : قد يبدو هذا العنصر جدليا , فما قيمة ذكر جنس المريض طالما أن الإسم يشير غالبا للنوع , هذا صحيح , لكننا نلزم منظم الإضبارة بهذا العنصر , كون بعض الأسماء مشتركة بين الجنسين , ولإنك كطبيب سيمر عليك خلال ممارستك مرضى من مختلف الثقافات , وتمييز الأسماء ونوعها يكون صعبا جدا , لذلك نلجأ لتحديد النوع هنا , وكذلك لاننسى أن الأمراض تختلف في إحصائياتها بين الجنسين , وقديما قالوا : أن أول معلومة يحصل عليها الطبيب عند دخول المريض من باب العيادة هي نوعه .!
4 - العرق : نذكر في هذا العنصر , عرق المريض , لوجود طائفة كبيرة من الأمراض مرتبطة بالعرق , وقد تلزم بعض المراجع ذكر جنسية المريض وعرقه , لإن العرق الأسيوي المقيم مثلا في دول أمريكا اللاتينية سيكون عرضة للإصابة بالأمراض المتعلقة بالبيئة , إضافة للأمراض المتعلقة بعرقه .
5 - المستوى التعليمي : هل يمكنك أن تخمن فائدة هذا العنصر ؟ فكر .!
عندما يخبرنا المريض أن مستوى تعليمه جامعي متقدم , عندها سيكون عندنا قدرة على تقييم حالته العقلية و الإدراكية , فلا يعقل أن يتفوه الجامعي صاحب المستوى المتقدم علميا , بكلام غير مترابط أومفهوم , أو أن يجد صعوبة في فهم كلام طبيبه , وهذا الأمر نجده منطقيا في المرضى ذوي المستوى الأدنى تعليميا , كذلك , لو أخبرك مريضك مثلا أنه خريج هندسة كيميائية , فهذا مفيد لك على الأقل لتوقع الأذيات المحدثة بالتماس مع المواد الكيميائية , هل يكفي هذا لنحكم به ؟ تابع ..
6 - المهنة : نذكر هنا مهنة المريض , بسبب إرتباط عدد كبير من الأمراض بالمهن ( هنالك مادة تدرس في جامعات كثيرة إسمها أمراض المهن ) , لكن هذا ليس كل شيء .. تابع .
7 - مكان العمل : هل تبدو لك هذه التفاصيل مملة ؟ أنظر , عندما نسأل عن مكان العمل , فهذا يعني أننا نريد أن نتأكد أن المكان الذي يعمل فيه المريض لايمكن أن يسبب أي مرض , كالمريض الذي يعمل ساعات طويلة في مناطق جبلية , فهذا المريض نتوقع أن يكون مستوى الخضاب عنده مرتفعا , أو المريض الذي يعمل في مناطق مدارية , أو جافة , أو مناطق موبوءة أساسا , فطبيعة العمل شيء , ومكان العمل شيء آخر .
8 - الوظيفة الموكلة له في مهنته : نذكر هنا مهنة المريض بالتفصيل , , طبعا في حالة مريضنا السابق الذي ذكر أنه خريج هندسة كيميائية لم نحكم مباشرة أن مرضه محدث بتماسه مع المواد الكيميائية , لماذا ؟ لإنه ربما أنهى دراسته الجامعية ولم يعمل بتخصصه .! نعم هذا يحدث كثيرا أليس كذلك ؟
نطلب من المريض أن يحدد بالضبط طبيعة مهنته , فإن قال مريضك أنه يعمل في منجم فحم , لا نكتفي بكلامه بل نسأله بالضبط عن دوره هناك , فالعامل في المنجم الذي يباشر العمل بنفسه ويديه , ليس كصاحب المهنة الإدارية الذي ربما لايزور المنجم أبدا بل يبقى في مكتبه , وبينهما فرق كبير .!
9 - عنوان السكن : لمعرفة وتوقع أية أمراض محدثة بالبيئة , فالمريض قد يسكن في مكان , ويعمل في مكان آخر ( لايزال سكان المدن والبلدات التي تحيط بمنطقة تشرنوبل عرضة للشذوذات المورثية نتيجة الإشعاع ) .
10 - تاريخ القبول : في ( المشفى , المصح , أية مؤسسة صحية ) , من قبل من تمت إحالته , وبأي تشخيص تمت إحالته ؟
يمكن هنا أن نذكر أن المريض تمت إحالته من المشفى ( نذكر إسمه ) , أو من عيادة المشفى , أو أن المريض أتى بنفسه للمشفى , وإن كانت تمت إحالته من جهة خارجية , فنذكر أنه تمت إحالته مثلا , بتشخيص نزف هضمي علوي .
11 - التشخيص الأولي ( المبدئي ) : تمت الإشارة له بشكل مختصر في المقدمة , طبعا هذا التشخيص سيوضع من طرف الطبيب منظم الإضبارة , ويمكن تركه فارغا , لحين الإنتهاء من إستجواب المريض وفحصه ( لا تقلق , ستتعلم كل شيء لاحقا ) , طبعا نتذكر أمرا مهما هنا : التشخيص الأولي يوضع قبل طلب الإستقصاءات , وسوف تتعرف عليه أكثر في وقته .
12 - التشخيص السريري ( النهائي ) : وهو كسابقه , نتركه فارغا , لحين إستجواب المريض , وفحصه , وطلب الإستقصاءات المناسبة له , بعدها نضع هنا تشخصينا النهائي , لاحظ , هذه هي الصفحة الأولى في إضبارة المريض , وينبغي لمن يطلع عليها أن يعرف ماهو تشخيص المريض ولماذا تم قبوله .
أنتهينا من بند المعلومات الشخصية , إحفظها جيدا , ودرب نفسك عليها .
في الحلقة القادمة : سنتحدث عن بند شكاوى المريض , وكيف سنتعامل معها وكيف سنستجوب المريض بطريقة أكاديمية مرتبة .
يتبع ..